القيادة لأبناء الجزيرة العربية
فيصل الخريجي
كانت فارس والروم تسيطران على العالم، وكان العرب أمة ممزقة مهمشة، إلا أن حياة الصحراء والجبال والعزلة كانت سبباً للحفاظ على نقائهم العرقي وصفائهم الذهني وفصاحة لسانهم ومكارم أخلاقهم، حتى بعث الله فيهم رسولاً منهم فكان أعظم الأنبياء عليه الصلاة والسلام لأمة تتحلى بالسمات الكافية لحمل أعظم رسالة للبشرية، حملها إنسان الجزيرة العربية بكل اقتدار، فكان العهد النبوي الشريف الذي تمم مكارم الأخلاق وحفظ القيم الإنسانية من الفناء، ثم عهد الخلافة الراشدة التي رسمت نهج الدولة العادلة، تبعها عهد الدولة الأموية العظيم الذي أسس المدنية الأموية التي انتقلت بعد أفولها من المشرق إلى الأندلس، ثم دولة بني العباس العربية التي أسقطت شقيقتها الأموية بتأليب من بعض الأعاجم الذين أبغضوا هيمنة العرب، حيث حرضوا وبثوا أفكارهم العنصرية المتدثرة بدثار الدين الإسلامي مستخدمين شعارات نصرة آل البيت والتمرد طلباً للعدالة فضربوا العرب بالعرب، بالرغم من صيغة المساواة والإنسانية التي أتى بها دين الإسلام ونشرها عرب الجزيرة، حيث تغلغل الأعاجم في الحكم العباسي وسيطروا على مفاصله، فساهموا بتهميش وإقصاء عرب الجزيرة الذين كانوا مادة الحكم والفتوحات وهيبة للإسلام، ببثهم أفكارهم العنصرية الشعوبية القائمة على إنكار فضل العرب ومحاولة الحطّ من قَدْرهم، فتمكنوا من إقناع العالم الإسلامي بأن الجزيرة العربية وكر لقطاع الطُرق والمنافقين، مستخدمين أسلوب إسقاط الآيات الكريمة واقتطاعها عن سياقها بما يكرس الصورة النمطية المشوهة في عقل ووجدان معظم الأعاجم وبعض عرب الأمصار، وبعض أبناء الجزيرة ممن خالط العجم، وأيضاً أسلوب منع التعليم والعمران في جزيرة العرب، وممارسة التجهيل الُممنهج ضدهم، بالرغم من أنهم تلقوا عن عرب الجزيرة القرآن والسنة، فنسبها الأعاجم لأنفسهم ونسبوا لعرب الجزيرة الآية الكريمة (الأعراب أشد كفراً ونفاقاً) ولذلك استقر في وجدان بعض عرب الأمصار أن الجزيرة العربية غير مؤهلة للقيادة فرفضوا أي دور قيادي لأبنائها، فكان البديل هيمنة العجم على زمام القيادة لقرون مارسوا فيه أبشع أنوع التهميش والإقصاء، وتبعهم في تلك الممارسات العنصرية بعض عرب الأمصار الذين تشربوا ثقافة الشعوبية بصورة غير مباشرة، فتجد رموزهم يتبجحون بقوميتهم العربية التي خاضوا ضدها وفي مهدها الحروب العاتية، وعابوا عليهم مهنة الأنبياء رعي الغنم وحقروهم لفقرهم، وحاولوا تقويض حكم الملوك والأمراء والشيوخ والسلاطين في جزيرة العرب إلا أنهم خابوا وخسروا.
سبعمائة عام والأمة في ضياع جراء هيمنة الأعاجم وبعض عرب الأمصار، دعوا أبناء الجزيرة العربية يعيدوا الكرّة في قيادة الأمة، كما فعل أسلافهم، ارفضوا ما غرسته شعوبية العجم في صدوركم، ساندوا سمو الأمير محمد بن سلمان؛ فالتاريخ قادر على أن يعيد نفسه.
جريدة الرياض
أحدث التعليقات