ارموا إسرائيل في الشرعية
فيصل الخريجي
احتل الكيان الإسرائيلي فلسطين، بالاستناد إلى وعد بلفور، وتواطؤ الأتراك العثمانيين، ليساهموا بتشكيل الشعب اليهودي في فلسطين والذين كانوا أقلية، مكنها دعم بريطاني وغدر العثمانيين وغفلة بعض العرب من حكم فلسطين ذات الأغلبية العربية.
إلا أن الدول العربية هبت لنجدة فلسطين بخوض حرب تحرير قوية ومشرفة، شاركت فيها المملكة العربية السعودية بأموالها ورجالها وأمرائها ومن بينهم الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وعلقت تصدير نفطها للعالم الغربي تضامنا مع فلسطين ، وقدمت ملكها فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- شهيدا، ولكن تدخل بعض الدول العظمى لصالح إسرائيل قلب كفة الموازين لصالح الأخيرة، وليس بسبب خيانة العرب كما أشاعت أجهزة المخابرات المعادية حتى اقتنع العرب أنهم هزموا بسبب خيانتهم لبعضهم، فالعرب قدموا أعظم وأصدق التضحيات، ولولا تدخل بعض الدول العظمى -كما أسلفنا- لما استطاعت إسرائيل الصمود أمام بسالة وشجاعة العرب.
دخل العرب بعدها في مواجهة مع طيش بعض الجمهوريات العربية، التي تقتات على الشعارات والبلطجة الإعلامية، داعية إلى إسقاط الحكومات الملكية والأميرية التي كانت الداعم الرئيس والحقيقي لحروب تحرير فلسطين،بحجة أنها خذلت القضية الفلسطينية ولم تتناغم مع الشعارات الرنانة والتطبيل الفارغ الذي تقدسه تلك الجمهوريات، ثم جاءت فرنسا بالخميني كعقاب جماعي للدول العربية التي تجرأت وحاربت إسرائيل ليتاجر الخميني بدوره بالقضية الفلسطينية، متهما الأمة العربية بأنها خانت القضية، ويجب احتلال عواصمها، تمهيدا لتحرير فلسطين، فقتل العرب، ونكل بهم، وأفسد عواصمهم، باسم تحرير فلسطين، ولم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل، ورأينا مؤخرا استماتة فرنسا في الحفاظ على أذرع إيران الخميني في لبنان بعد كارثة مرفأ بيروت، كما ابتلي الفلسطينيون والأمة العربية بمنظمات وأحزاب فلسطينية امتهنت السمسرة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية، حتى تسببوا في خلق ضجر عام للأمة العربية، نتج عنه تهافت مصر والأردن إلى التطبيع باعتبار إسرائيل طوق نجاة، ولكن الأيام أثبتت أن الإسرائيليين يأخذون ولا يعطون، ثم تبعتهما قطر والإمارات العربية المتحدة بحثا عن السلام، الذي عجزت عنه مصر العظيمة، ولم تجد إليه مع الإسرائيليين سبيلا.
ومع ذلك لسنا من جيل «ارموا إسرائيل في البحر»، ولسنا معدومي المسؤولية لنقول فلسطين ليست قضيتنا، لكننا من جيل يقول «ارموا إسرائيل في الشرعية» وليس في البحر، بتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وبتفعيل مبادرة السلام العربية، وسنكون أول الشعوب المرحبة والمحبة للتطبيع الكامل والعادل.
الأقصى الشريف امتداد للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف وهو ثالثهم وهو مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله دلالات دينية وتاريخية عميقة لا تنفصل عن التاريخ العربي والإسلامي.
وحتى بنظرة المصالح السياسية، والنزعة البراغماتية، فبقاء إسرائيل كدولة نابع من دعم دول غربية عظمى، إذن هي دولة مصطنعة، وصغيرة تتأثر بإضراب العمال الفلسطينيين، فماذا ستقدم لاقتصادات الدول المطبعة، فجميع المطبعين الذين تواردوا على حوض إسرائيل باءوا بالعطش.
قبل أن تطبع اسأل نفسك ماذا ستقدم لك إسرائيل؟!.
لا تطبع لأنك غاضب من سمسرة الفلسطينيين بالقضية، لا تطبع لتحصل على نظرة إعجاب من الرجل الأبيض، لا تطبع فقط لأنك فقرة من وعود حملة انتخابية لرئيس دولة عظمى، وبنظرة مصالحية عالية طبع لتستفيد دولتك، وإسرائيل ليست من الدول المفيدة، وبنظرة شرعية قانونية عالية الالتزام، طبع فور التزام إسرائيل بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (242)، والذي بموجبه تنسحب إسرائيل إلى حدود يونيو 1967.
السعوديون فرسان الحرب بلا ريب، وأيضا هم فرسان السلام الذي يصون الحق المقدس.
صحيفة اليوم
أحدث التعليقات