الإعلام الرقمي.. يدخل في إطار الدعم والمساندة للإعلام التقليدي ولا يمثل خطراً عليه
الإعلام الرقمي يشكل مورداً اقتصادياً بديلاً عن الإعلام التقليدي، وذلك من خلال تطوير الصحف ذاتها واستثماراها، موضحاً أن التكاليف الناجمة عن إنشاء منظومة الكترونية إعلامية صحفية أو مرئية أقل بكثير من تكلفة إنشاء الإعلام التقليدي، لافتا إلى أن الإعلام الرقمي يحقق انتشار أوسع عالمياً بتكلفة زهيدة في حال تم التركيز بشكل سليم على المحركات البحث العالمية.
وأبان رئيس قسم الإعلام في جامعة الملك سعود، أن الإعلام الرقمي لا يُمثل خطراً على الصحافة التقليدية، بل امتداداً للإعلام العام التقليدي، معتبرا أن الإعلام الرقمي يؤثر على الأوضاع السياسية، خاصةً أن السعودية دولة رائدة اقتصادياً وسياسياً وأخلاقياً على مستوى العالم.
ويرى رئيس قسم الإعلام في جامعة الملك سعود، أن تأخر وزارة الإعلام والثقافة بتحويل الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء السعودية « واس» إلى مؤسسات عامة، سيفوت على المملكة فرصاً كبيرة في المجالات الإعلامية والاقتصادية، خاصةً أن ذلك سينقلنا إلى العالمية بشكل أكبر، وأن انتقال السعودية إلى العالمية لم يعد أمراً ثانوياً بل هو مطلب ضروري وملح، والسبب هو مكانة المملكة ومتطلباتها السياسية والاقتصادية حيث أصبحت دولة مؤثرة ولها امتداد واسع النطاق.
ولفت الدكتور فهد الخريجي في حواره مع « الرياض» إلى أن المملكة تشارك في قرارات مؤثرة على مستوى العالم بحكم ثقلها الاقتصادي والقاري، خاصةً أنها أكبر دولة منتجة للبترول في العالم، وتحتل في التصنيف الأخير الترتيب السادس عشر في الاقتصاد العالمي، مطالباً في الوقت ذاته بأن يكون إعلامها قادراً على التعامل مع المعطيات العالمية والمحلية والإقليمية وليس هناك أقوى من الإعلام الرقمي لتوصيل الرسالة.
إلى نص الحوار:
“الرياض”: نريد منك أن تعطينا مدخلاً عن الإعلام الرقمي ؟
الخريجي : الإعلام الرقمي هو نظير ومقابل للإعلام التقليدي حيث هناك نظامان في العالم هما النظام المتشابه والنظام الخطي.. والنظام المتشابه هو ذلك النظام الذي نعرفه مثل أنظمة التلفاز القديمة وأنظمة الطباعة القديمة كلها تسمى أنظمة متشابهة.. أما النظام الخطي هو الأقرب إلى النظام الرقمي.
والإعلام الرقمي عموماً هو نقل الصوت والصورة والحرف رقمياً أو إلكترونياً بدلاً من الطباعة بالحبر أو الصورة بما يسمى بالنظام المتشابه التقليدي. والنظام الرقمي هو النظام الذي بدأ يشق طريقه في العالم، ليصبح المعيار في تحديد تطور وسائل وأدوات الإعلام والاتصال الحالية.
والإعلام الرقمي والصحافة الإلكترونية، هي نتاج لتجربة الإنسان الطويلة مع العمل الإعلامي وحصوله على تجربة ضخمة مكنته من نقل الحقيقة وإن كانت هناك في التاريخ نقلة سابقة بما يتعلق بالانتقال من الكتابة اليدوية إلى الكتابة المطبوعة فهذه تعد نقلة حضارية جديدة حيث بدأ الإنسان ينتقل من الصحافة الورقية إلى الصحافة الإلكترونية من خلال شاشات الكمبيوتر وشاشات التلفاز، ولكن الإشكالية تكمن في خلط الناس بين الصحافة الإلكترونية والصحافة الورقية.. فالصحافة الورقية هي ما تعارفنا على قراءتها من خلال الصحف حتى ولو نقلت على شاشات الكمبيوتر فإنها ستظل صحيفة عادية. وجميع الصحف السعودية في الوقت الحاضر هي صحف ورقية، وليست صحفاً إلكترونية لأنها لا تنطبق عليها معايير وشروط الصحيفة الإلكترونية، لأن الصحافة الإلكترونية تتطلب التفاعلية والآنية.. أما ما نراها من تعليقات وآراء يكتبها الجمهور تعليقاً على موضوع ما في صحيفة ما، لا تعتبر صحافة إلكترونية، وإنما خطوة أولية نحو التفاعلية.
“الرياض”: إذاً ما خصائص الصحافة الإلكترونية ؟
الخريجي: الصحافة الإلكترونية لها خصائص معينة ومختلفة إذ نجد طريقة التحرير والكتابة مختلفة وكذلك صياغة العناوين وكتابتها مختلفة، وإن ما يسمى بالتفاعلية تعتبر أصلاً وأساساً في بناء العمل الصحفي؛ فمثلاً لو أردنا أن نكتب مقالاً عن المملكة العربية السعودية، ربما نكتب موضوعاً مشابهاً للمواضيع التي نكتبها في الصحافة الورقية، وإنما يكمن الاختلاف في الكمية التي تكتبها في الصحافة الإلكترونية، بحيث تكون أقل بكثير مما يكتب في الصحافة الورقية التقليدية وأن يكون الحيز صغيراً، وأن يراعى كذلك مناطق الرؤية البصرية والمشاهدة الحسية والتفاعلية، والنواحي الفنية والجمالية الجاذبة لقراءة الموضوع.
فعندما نكتب مثلاً عن المملكة العربية السعودية، ثم نعرج في حديثنا عن مدينة الرياض، (وربما هناك أشخاص لا يعرفون شيئاً عن مدينة الرياض) في هذه الحالة يصبح نص الرياض نشطاً بصورة تفاعلية أي “حية” تدخل ضمن إطار النصوص النشطة.. وللأسف نادراً ما أجد في الصحافة السعودية نصوصاً نشطة وهذا خطأ فادح. فالنص النشط يجب أن يكون موجوداً في صحافتنا التقليدية حتى تنطبق عليها احدى خصائص الصحافة الإلكترونية. فحينما اضغط على كلمة الرياض من المفروض تنقلنا إلى موضوعات مدينة الرياض ثم يأتينا سؤال ماذا نريد في مدينة الرياض، وهكذا. هل تريد معلومات عن الملتقيات والمؤتمرات والحوارات السياسية، هل تريد التعرف على الدوائر الحكومية أو الإمارة أو غيرها، في مدينة الرياض، هل تود التعرف على الجوانب الاقتصادية، أو التعرف على أماكن الترفيه وأماكن أخرى، مع إعطاء نبذة مبسطة عن مدينة الرياض.
الإعلام الرقمي امتداد للإعلام التقليدي
“الرياض”: هل ترى أن الإعلام الرقمي أصبح يشكل خطراً على الإعلام التقليدي ؟
الخريجي: إن الإعلام الرقمي هو امتداد للإعلام العام التقليدي ويجب ألا ينظر إلى الإعلام الرقمي أو إلى الصحافة الإلكترونية أو التجارة الإلكترونية على أنها تهديد مباشر للحاضر بل هي امتداد وتدخل في إطار الدعم والمساندة للصحافة التقليدية، ولكن ربما تقل نسبة القراء للصحافة الورقية بنسب متفاوتة فبدلاً من شراء الجريدة الورقية التي يمكن أن تأخذ مني حيزاً ووقتاً يمكنني أن أفتح جهاز الحاسب الآلي وأدخل على الإنترنت وأفتح صحيفة الرياض واطلع على الأخبار التي أريدها، فالصحافة الرقمية ليست خطراً على الصحافة التقليدية إذا فكرت تلك الصحف في تطوير ذاتها واستثمار الجمهور الجديد لصالح الصحافة من خلال تطوير الجوانب الإعلانية داخل الصحيفة الإلكترونية باعتبارها مورداً اقتصادياً بديلاً.. فالقراء حينما يقبلون على المواقع الإلكترونية يقرأون المقالات والمواضيع مجاناً، ولكن هذه القراءة في المقابل تساوي قيمة.. ورقماً يباع للمعلن.. ولعل جريدة الرياض تعد من الصحف المتميزة في هذا المجال، فإذا دخل عليها مثلاً مليون متابع أو قارئ فإنهم يساوون قيمة نقدية، يجب أن تتعامل بها أمام المعلنين بشرط تسويقها للمعلنين بطريقة جيدة.. فهذه من الجوانب التي اعتبرها في غاية الأهمية بالنسبة للصحافة التقليدية أو الرقمية.. فالتفاعلية تعتبر مهمة وكذلك النصوص النشطة تعتبر مهمة، والآنية مهمة.. فإذا كتبت مقالاً الآن ولم يجد من يقرأه فوراً يعتبر ميتاً وغير مهم وغير صالح.. الصحافة السعودية الآن مازالت صحافة تقليدية سواء كانت ورقية أو إلكترونية، لأنها تمر عبر ناقل إلكتروني وليست صحافة إلكترونية لأن الصحافة الإلكترونية يجب أن يتوفر فيها خصائص التحديث والآنية والنصوص النشطة والتفاعلية.
برامج طموحة
“الرياض: يلاحظ أنك بذلت جهداً كبيراً في طرح برامج جديدة للماجستير وهي: الصحافة الالكترونية والإعلام الرقمي، فما هي استراتيجيتكم الآنية وما تطلعاتكم المستقبلية ؟
الخريجي : أولاً: إن البرامج الجديدة التي قدمها قسم الإعلام هي الصحافة الإلكترونية والإعلام الرقمي وهي ضمن طموحات جامعة الملك سعود الجديدة. ثانياً: وهذه الطموحات أصبحت الشغل الشاغل لجميع الجامعات في دول العالم، ولكننا في جامعة الملك سعود سبقناهم بالمسمى ونسبقهم في المهارات التي سوف نقدمها لطلابنا في السنوات القادمة، لأننا نسعى لتأهيل رجال الإعلام في المملكة للمرحلة القادمة، والتعامل مع وسائل الإعلام الجديدة الرقمية سواء كانت صحافة إلكترونية أو مونتاج تلفازي أو سيناريوهات.. لذا أطلب من الصحف السعودية مبادرة العاملين فيها الانضمام إلى البرامج الجديدة التي تؤهلهم إلى التحول من الصحفي التقليدي إلى الصحفي الرقمي الإلكتروني.
جريدة الرياض
أحدث التعليقات