العلاقات السعودية الأميركية.. حتمية التاريخ لا يعني ثبوت المواقف

من البديهيات أن العلاقات السعودية الاميركية حتمية تاريخية، لا شك فيها، لكن المتغيرات الدولية تترك مساحة للخلاف والاتفاق بين الطرفين. وجاءت القمة الخليجية – الأميركية استكمالاً لقمة كامب ديفيد يونيو الماضي، حيث كان الرئيس الأميركي يسعى الى اتفاق نووي مع إيران، وقد حدث. شعوب الخليج تطلب من أميركا إدراك الخطر الإيراني. حيث لا يمكن محاربة داعش والإرهاب إذا لم ندرك أن إيران كانت تقدم الممرات والملاذ الآمن للقاعدة حتى في جريمة 11 سبتمبر حيث نطق القضاء الأميركي بأحكام لصالح الضحايا وأدان الحكومة الإيرانية. والاتفاق على تأسيس شراكة استراتيجية لتحسين التعاون الدفاعي والأمني ومحاربة تنظيم “داعش” قرار صائب من الطرفين العربي الاميركي، لكن تصريحات الرئيس الأميركي أربكت المشهد الخليجي الأميركي.

فالذي لم يفهمه الرئيس الأميركي هو أن قلق دول الخليج لا يعبر عن انزعاج قادة دول الخليج فقط، لكنه يعكس قلق شعوب المنطقة تجاه المحاولات الإيرانية لنشر الفوضى وتصدير ثورة فاشلة كانت سبباً في فقر أكثر من 60% من الشعب الإيراني، والمشانق التي بكت من كثرة شهداء الاحواز اللذين وقعو تحت سطوة فارسية تكره المكون العربي وتسعى لبناء الطائفية.

ودولة كبرى مثل أميركا لا يمكن أن تتوقع اقتسام المنطقة مع إيران. فالمنطقة عربية وغير قابلة للقسمة في زمننا الحاضر والسبب أن زمن “سايس بيكو” كان استعماراً لفراغ سياسي وشعبي وعسكري. أما اليوم فشعوب دول الخليج هي الأكثر رفاهاً في المنطقة ونموذجاً ناجحاً لا يمكن التفريط فيه، وتعيش أمناً واستقراراً سياسياً، وأزهاراً اقتصادياً. وفي حالة مصالحة كاملة مع قياداتها. أما التذمر فيصدر من دعاة ولاية الفقيه ودعم إيران للإرهاب في العراق وسوربا واليمن وخلاياها في البحرين والكويت التي تم الكشف عنها منذ أشهر مضت.

والادعاء بالخوف على أمن دول الخليج أنه من الداخل غير صحيح، إذا أدركنا أن الادعاء باضطهاد الأقليات هو ترويج للتيار الإيراني ولمظاهرات دعاة ولاية الفقيه الطائفية المرفوضة مسبقاً من أغلبية سنية لا تؤمن بها. فإيران لا يمكن أن تكون شرطي المنطقة ودعمها لن يحقق الأمن والاستقرار للاقتصاد العالمي. ودول الخليج قادرة على الدفاع عن نفسها وشراكة أميركا وأوروبا تعزيز وضمان لعدم انتشار مرض التقية والكراهية الذي تمارسه دولة فارس ويصدقه بعض العرب من ذات الطائفة.

مؤتمر أوباما الصحفي بالرياض الذي أكد فيه أن “الأسد” لا بد أن يرحل وتعهده بضمان أمن الخليج والتصدي لسلوك إيران ومحاربة “داعش” والعمل على استقرار المنطقة، تطمينات يجب أن ترقى لمستوى الفعل وتوثيقها ضرورة. حيث تكرر هذا التصريح وتمت مخالفته عدة مرات. والتوصل لحل سياسي في سوريا لا يمكن أن يحدث بدون إصرار أميركي. لكن مقولة أوباما بأنه على المعارضة المعتدلة “وقف الأعمال العدائية” يخالف الفهم السابق بمساندة المعارضة.

أخيراً، هذه القمة تبشر بعلاقات خليجية أميركية فعالة وخصوصاً أن البيان المشترك للقمة الخليجية – الأميركية، أدان دعم إيران للجماعات الإرهابية في سوريا واليمن والبحرين، وإجراء مناورات عسكرية مشتركة في مارس 2017م، والترحيب بجهود العراق لتخفيف الاحتقان الطائفي وإجراء مصالحة بين مكونات الشعب العراقي. وأن عودة العلاقات مع إيران تتوقف على وقف ممارساتها وتدخلاتها بدول المنطقة، والإجراءات الإضافية لدرء خطر الصواريخ الإيرانية خطوة رصينة، وتأكيد اتفاقات الدفاع المشترك ضد أي خطر، وتبادل المعلومات بشأن الأخطار الإيرانية في المنطقة تعطي رسائل غير قابلة للتفسير بأن العلاقات السعودية الأميركية حتمية تاريخية.

جريدة الرياض

http://www.alriyadh.com/1151443

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *